تُراهن الجزائر بشدة على مستقبلها في مجال الطاقة. فقد أعلنت مؤخرًا عن حزمة استثمارية شاملة بقيمة 60 مليار دولار أمريكي تهدف إلى تنشيط وتوسيع بنيتها التحتية للطاقة. وتأتي هذه الخطوة الاستراتيجية في الوقت الذي تسعى فيه الجزائر إلى الاستفادة من احتياطياتها الهائلة من الهيدروكربونات، في الوقت الذي تُواجه فيه التحول العالمي نحو مصادر طاقة أنظف.
يُخصّص مخطط الاستثمار حوالي 80% من الأموال لمشاريع المنبع للنفط والغاز، مع التركيز بشكل خاص على أنشطة الاستكشاف والإنتاج. يعكس هذا الالتزام الكبير بمصادر الطاقة التقليدية الأولوية العاجلة للجزائر لتعزيز الطاقة الإنتاجية وعكس اتجاه انخفاض الإنتاج في بعض الحقول القديمة. ستدعم الأموال المتبقية تطوير المصافي، ومشاريع البتروكيماويات، والانطلاقة الأولى في تطوير الطاقة المتجددة.
يأتي هذا الالتزام المالي بالتزامن مع بعض التطورات الواعدة. ففي الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، أعلنت شركة سوناطراك، شركة الطاقة الحكومية الجزائرية، عن 13 اكتشافًا جديدًا للهيدروكربونات. وتُظهر هذه النجاحات الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها الأحواض الرسوبية في الجزائر، وتُبرر ثقة الحكومة في مواصلة الاستكشاف.
في الوقت نفسه، تُوسّع الجزائر نطاق حضورها الدولي، لا سيما من خلال عودة شركة سوناطراك إلى أنشطة الاستكشاف في حوض غدامس الليبي بعد غياب دام عقدًا من الزمن لأسباب أمنية. ويُبرز هذا التوسع العابر للحدود طموح الجزائر لتعزيز دورها كقوة إقليمية رائدة في مجال الطاقة.
في حين يهيمن النفط والغاز على خطة الاستثمار، تُقرّ الاستراتيجية أيضًا بالأهمية المتزايدة للتحول في قطاع الطاقة. ويُخصّص جزء من الأموال لمشاريع الطاقة المتجددة، وخاصةً الطاقة الشمسية، بما يتماشى مع الهدف الأوسع للجزائر المتمثل في تنويع مزيج الطاقة لديها وتقليل الاستهلاك المحلي للوقود الأحفوري.
بالنسبة للشركاء الدوليين، وخاصة الدول الأوروبية التي تسعى إلى تنويع إمدادات الغاز، فإن التزام الجزائر المعزز بقطاع الطاقة يمثل فرصة كبيرة لتعزيز التعاون والشراكات الاستثمارية المحتملة في السنوات القادمة.